بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 15 فبراير 2011

الثورة المعلوماتية والتكنولوجية والتعليم

نعلم جميعا أن التعليم يعد استثمارا بشريا ، له مدخلاته وعملياته وأهدافه وتدخل التقنيات الحديثة فى هذا الإستثمار ‏لأنها تشكل منهجا منظما للعملية التعليمية ، ولذلك ازداد الإهتمام فى السنوات الأخيرة بدور التكنولوجيا فى هذه العملية ، ودار ‏جدل كبير حول أهمية التكنولوجيا وأنواعها ، وجدوى الاستعانة بها ، وأفضل الأساليب للإستفادة منها فى تطوير التعليم ومعالجة ‏مشكلاته ورفع اداء المعلم والطالب ، فى محاولة لبلوغ ما نصبو اليه ومواجهة تحديات العصر ، لأن التعليم ركيزة بناء الأمة ‏والإرتقاء بالشعوب وتحقيق الرفاهية للفرد والمجتمع . ونحن نعيش اليوم عصر التكنولوجيا والمعلومات ، وهما المحرك لآليات التطور ‏فى كل جانب من جوانب الحياة . ومن هنا بدأت تكنولوجيا التعليم تعمل على تطبيق المعرفة المنظمة فى حل مشكلات تتعلق ‏بالمواقف التدريسية التى تواجهنا . ‏
فتكنولوجيا التعليم تشمل مجالات فرعية لكل منها وظائف معينة واساليب خاصة لتحقيقها ، ومنها : ‏
‏( أ ) تطوير التعليم : ‏
وهى العملية التى نتبع بموجبها نظاما خاصا ، نقوم فيه بتحليل الحاجات وتقدير أهميتها وتصل الى المحتوى الدراسى الذى ‏ينبغى اتقانه لمواجهة هذه الحاجات وتحديد الأهداف الأدائية ، وتصميم أو اختيار المواد التعليمية للوصول الى تحقيق هذه الأهداف ‏، ثم تجريب البرنامج المقترح وتعديله فى ضوء المعلومات عند نتائج تقويم اداء المتعلم وتحصيله . وتعد عملية اعداد المناهج عملا ‏جماعيا ، لذل يتطلب إعداد المادة التعليمية المحسبة تضافر جهود فريق من المتخصصين يضم المدرس والإدارى والمبرمج الفنى ‏لضمان جودة المادة التعليمية وتفادى هدر الإمكانات فى الجهد والمال والوقت .‏
ويتطلب تصميم المادة التعليمية تحضير معلوماتها العلمية وصياغتها وتجهيزها وتقسيمها الى وحدات سهلة الإستيعاب ثم ‏التوصيف المقنن المفصل لجزئياتها وبيان ما يتخلل ذلك العرض من الشرح اللفظى والصور والأشكال البيانية والأسئلة الإختبارية ‏‏. ويشترك فى تصميم المادة أيضا مبرمجو الحاسوب ومختصو اللغة ومراقبو الجودة ، حيث ينبغى أن نعد المادة التعليكية المحوسبة ‏إعدادا يلبى مواصفات الإنتاج الجيد علميا وفنيا ، وأن تستكمل فى اعدادها اجراءات الإنتاج المتقن تخطيطا ومراجعة وتصحيحا ‏واخراجا وانتاجا . ‏

‏( ب ) الإدارة التعليمية ‏
وهى البعد الثانى لتكنولوجيا التعليم ، ويقصد به ادارة وظائف وخدمات برامج التكنولوجيا وتطوير التعليم ، ويقصد ‏بالإدارة هنا تطبيق الأسس العلمية ونتائج الأبحاث التى توفرت فى مجالات الإدارة والإقتصاد والعلوم الإنسانية والإلكترونيات فى ‏تحقيق وظائف هذا المجال وفق أنظمة ونماذج خاصة فالتعليم بصفة عامة هو عصب تقدم أمم وتخلف أمم أخرى ، ولا شك أن ‏الدول المتقدمة تولى التعليم عناية قصوى ليس لتربية العقول السليمة فحسب ، بل وللتأكد من مواكبتها ركب التطور المطرد ‏الذى هو سمة من سمات هذا العصر ، والهدف من التعليم هو تنمية العناصر البشرية ، ويمكن تقسيمها الى أربعة أنواع رئيسية من ‏الكوادر هى : الفنيون ، الجامعيون ، الباحثون ، المخططون وصانو القرار ، وبمكن تطوير هذه الكوادر الأربعة على أساس تخطيط ‏واضح ، تؤخد فيه الأولويات الإستراتيجية للدولة ، ويتحدد تبعا لذلك الكم المطلوب من العناصر البشرية فى كل كادر ، سواء ‏أكان فى التعليم الفنى أم التعليم الجامعى ، أم التعليم البحثى ، والذى هو امتداد للتعليم الجامعى ، واعداد المخططين والقادة وهم ‏الذين أنهوا مرحلة التعليم الجامعى والتعليم البحثى ، وبذلك يأتى الطالب بمعلومات راسخة وقدرة على التطبيق والإبتكار فى مجال ‏تخصصه . ‏
وكان لإختراع متعدد الوسائط أهمية كبيرة فى حقلى التربية والتعليم ، حيث تساهم هذه الوسائط والتقنيات فى توسيع ‏أنظمة التربية المستعملة ، وتخلق امكانات ووسائل تعليم جديدة ، وتساعد على زيادة قدرة الاستيعاب لدى مختلف الأجيال ‏والمراحل التربوية ، وتخلق وسائل ايضاح حديدة فى نقل المحاضرات وسماعها واقامة الندوات والقاء المحاضرات وغير ذلك . كما ‏تساعد هذه التقنيات فى ايجاد مواد تعليمية جديدة ، يشكل الحاسوب العمود الفقرى لها . وتكون المواد التطبيقية سهلة الوضوح ‏والاستيعاب ، ومساعدة للمواد النظرية فى شرح الموضوعات المختلفة . وفى الوقت نفسه ستكون وسائل الإيضاح والتقنيات ‏الجديدة فى خدمة المعوقين جسديا وفكريا وعصبيا ، وستساهم بشكل علمى وفعال فى انخراط هذه الفئات فى المجتمع عن طريق ‏نقل المعلومات اليها بطريقة سهلة ، وبمساعدتها على تخطى عقدها النفسية عبر وضع امكانات الحواسيب فى خدمتها . أما على ‏الصعيد العلمى وخصوصا البحث العلمى ، فسيكون فى استطاعة العلماء وأساتذة الجامعات من الدول المتطورة ، وحتى الباحثين ‏من الدول النامية ، الاستفادة من بنوك المعطيات والمعلومات المحمية طوال قرون من الزمن فى الدول المتطورة والاطلاع على ‏الأبحاث الحديثة المتقدمة التى ينتجها العلماء فى الدول المتطورة ، وهذا يشكل فى حد ذاته خطوة كبيرة الى الأمام ، تساعد على ‏رفع المستوى العلمى والتكنولوجى للدول النامية . ويعلم الجميع مدى أهمية الاطلاع على البحوث الموجودة والتطورات العلمية ‏والنشرات والموضوعات المكتشفة لتطوير العلوم وتحديثها ، وقد كان العلماء والباحثون فى الدول النامية مضطرين للسفر الى ‏الدول المتطورة والغوص فى مكتباتها للحصول على المعلومات العلمية المطلوبة لأبحاثهم ، مع ما يترتب على ذلك من عناء وضياع ‏للوقت وهدر للأموال . ‏
أما الآن ، فقد استطاع العلماء بوساطة الطرق السريعة للمعلومات الإطلاع على كل جديد فى أى حقل من الحقول ‏بسرعة فائقة دون أية تكلفة ، بل يكفى أن تسمح الدول الغنية والمسؤولون فيها بتدفق المعلومات على هذه الطرق ، وباتجاه ‏الدول غير المتطورة ، دون أى حظر على دولة دون غيرها ، أو على معلومة معينة . والواقع فإن وجود مراكز للمعلومات باتت ‏مسألة ملحة ، لهذا كان لا بد أن تبدأ الأقطار العربية ببناء مراكز أبحاث متميزة كما هو متبع فى دول كثيرة ، بحيث تستقطب ‏هذه المراكز الدارسين من الوطن العربى ويجب أن يكون التخطيط لمثل هذه المراكز على النظام القومى ، وليس على النظام ‏الإقليمى ، فوجود مثل هذه المراكز يمنع إهدار الإستثمارات ببناء مراكز متشابهة فى كل قطر عربى . كذلك فإن وجود مثل هذه ‏المراكز التى يمكن أن يلتقى فيها الباحثون العرب ، يعد بوثقة تنصهر فيها العقول العربية من أجل العمل للصالح العام ، وبعيدا عن ‏النزعات الإقليمية ، بحيث يتحقق الوصول بالأمة العربية الى المستوى المطلوب ، وحتى لا تزداد الهوة بيننا وبين الدول المتقدمة ‏الأخرى أكثر مما ينبغى .‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق